ما الفرق بين القرآن و الفرقان ؟
للفرقان معانٍ متعددة في القرآن الكريم و الأحاديث الشريفة نذكر أهمها :
المعنى الأول : مجموع القرآن الكريم ، كما في قول الله جَلَّ جَلال :
﴿ تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا ﴾ [1]
سبب تسمية القرآن الكريم بالفرقان :
سُمِّيَ القرآن الكريم بالفرقان لسببين :
السبب الأول : لنزول آياته و سوره بصورة متفرقة ، و بشكل مغاير لغيره من الكتب السماوية
التي أنزلها الله عَزَّ و جَلَّ على أنبيائه ( عليهم السلام ) ، و ذلك لأن الكتب السماوية الأخرى
أنزلت كل واحدة منها دفعة واحدة مكتوبة في الألواح و الأوراق ، أما القرآن الكريم فلم يُنزَل
كذلك و إنما تم تنزيله خلال عشرين عاماً على قلب الرسول المصطفى ( صلى الله عليه و آله )
وحياً ، و لم ينزل مكتوباً و مجموعاً كغيره من الكتب السماوية ، فعَنْ يَزِيدَ بْنِ سَلَّامٍ أَنَّهُ سَأَلَ
رَسُولَ اللَّهِ ( صلى الله عليه و آله ) ، فَقَالَ : لِمَ سُمِّيَ الْفُرْقَانُ فُرْقَاناً ؟
قَالَ : " لِأَنَّهُ مُتَفَرِّقُ الْآيَاتِ وَ السُّوَرِ ، أُنْزِلَتْ فِي غَيْرِ الْأَلْوَاحِ ، وَ غَيْرُهُ مِنَ الصُّحُفِ
وَ التَّوْرَاةِ وَ الْإِنْجِيلِ وَ الزَّبُورِ أُنْزِلَتْ كُلُّهَا جُمْلَةً فِي الْأَلْوَاحِ وَ الْوَرَقِ " [2]
السبب الثاني : لأنه كتاب يميِّز بين الحق و الباطل ، قال العلامة الطبرسي ( رحمه الله ) :
" سُمِيَ بذلك لأنه يُفَرِّقُ بين الحق و الباطل بأدلته الدَّالة على صحة الحق و بطلان الباطل " [3]
و قال العلامة المجلسي [4] ( رحمه الله ) :
" الْفُرْقانَ : أي الكتاب الجامع لكونه فارقاً بين الحق و الباطل ، و ضياءً يُستضاء
به في ظلمات الحيرة و الجهالة ، و ذِكرا يتَّعظ به المتقون " [5]
و قال العلامة الطريحي ( رحمه الله ) [6]
: " الفرقان : القرآن ، و كل ما فُرِّقَ به بين الحق و الباطل فهو فرقان " [7]
كما في قول الله عَزَّ و جَلَّ : ﴿ وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ﴾ [8]
و كذلك في قوله جَلَّ جَلالُه : ﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاء وَذِكْرًا لِّلْمُتَّقِينَ ﴾ [9]
المعنى الثاني : المراد بالفرقان الآيات المحكمات [10] ، و هو معنى أخص من المعنى الأول
، فقد سُئلَ الإمام جعفر بن محمد الصادق ( عليه السَّلام )
عَنِ الْقُرْآنِ وَ الْفُرْقَانِ أَ هُمَا شَيْئَانِ أَوْ شَيْءٌ وَاحِدٌ ؟
فَقَالَ ( عليه السَّلام ) : " الْقُرْآنُ جُمْلَةُ الْكِتَابِ ، وَ الْفُرْقَانُ الْمُحْكَمُ الْوَاجِبُالْعَمَلِ بِهِ " [11]
الاجابة للشيخ صالح الكرباسي
________________
[1] القران الكريم : سورة الفرقان ( 25 ) ، الآية : 1 ، الصفحة : 359 .
[2] علل الشرايع : 2 / 470 ، و عنه في بحار الأنوار : 9 / 304 .
[3] مجمع البيان : 1 / 14 .
[4] العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي صاحب الموسوعة الحديثية الكبرى المُسماة بـ
" بحار الأنوار ( الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار ( عليهم السلام ) ) " .
[5] بحار الأنوار : 67 / 340 .
[6] العلامة فخر الدين بن محمد الطريحي
[7] مجمع البحرين : 5 / 224 .
[8] القران الكريم : سورة البقرة ( 2 ) ، الآية : 53 ، الصفحة : 8 .
[9] القران الكريم : سورة الأنبياء ( 21 ) ، الآية : 48 ، الصفحة : 326 .
[10] المُحْكَم : و يقابله المتشابه ، مصطلح قرآني يطلق على ما اتضح معناه و ظهر لكل عارف باللغة ،
و على ما كان محفوظا من النسخ أو التخصيص ، أو منهما معا ، و على ما لا يحتمل من التأويل إلا وجهاً واحداً ،
و كل آية من آيات الذكر الحكيم كانت كذلك فهي آية محكمة ، و تُرد الآيات المتشابهة إلى الآيات المحكمة لفهمها .
لمزيد من المعلومات عن المحكم و المتشابه يمكنك الرجوع إلى : الفروق اللغوية : 424 ، مجمع البحرين : 6 / 43 .
[11] الكافي : 2 / 630 ، و لمزيد من المعلومات بخصوص معاني " الفرقان " يمكنك مراجعة : الفروق اللغوية : 424 .
[b]